تجديد آليات البحث والتفكير في العلوم الموسيقية العربية: رهانات وارتهانات
Abstract
يُعتبر مجال الموسيقى من أكثر مجالات الثقافة تأثّرا بالعولمة وأكثرها كذلك تأثيرا في الذائقة والمجتمع لأنّها في السّياق المعولم المعاصر لم تعد رسالة صوتية فحسب بل كذلك رسالة لغوية ومرئية سريعة الانتشار لها أهدافها وغاياتها ورمزيتها وتشتغل وفق ضوابط دقيقة تتحكم فيها قنوات ومسالك ضخمة للتوزيع والترويج الثقافي المعاصر.
وإذا اجتمع التّأثّر والتّأثير صلب السياق المذكور في نفس الوقت في عمل موسيقيّ ما صوتا وصورة ولغة وحركة، يصبح ضروريا الحديث عن الموسيقى هنا لا كمجرّد "وسيلة ترفيه" ثقافية تعتمدها الدولة لتأثيث المناسبات الثقافية الرسمية أو العامّة بل كأدة للتحكّم في الفكر الموسيقي ذاته بما يتماشى مع مقتضيات العولمة وغاياتها.
ومن هنا يمكن تفسيرُ ما يعتبره البعض تنميطا للابداع الموسيقي وتنميطا للذائقة الموسيقية بل وتنميطا للفكر الموسيقي العلمي وأدواته(تنظيرا وتطبيقا)، حتى أنّه يصبح من المشروع أحيانا أن نتساءل: ما حاجتنا اليوم إلى العلوم الموسيقية وسط هذا السياق المعولم؟
في المقابل لا يمكن أن نجرّد الفكر الموسيقي العربي من سياقه العلمي المعرفي مهما علا صوت العولمة وسيطرتها على تفاصيل الفكر العربي والكوني بصفة عامة. "فإذا كان عدم الجمود والتحوّل المستمر والاكتشاف المستمر هو المقوّم الأساسي للفكر عموما كسمة حضارية انسانية رغم وجود حقب من الضغط والتضييق والانحصار(في السياق العربي خصوصا)، فإنّ موقع الفكر الموسيقي بالذات(داخل منظومات الفكر المختلفة) يبوّئ له أكثر من غيره ملاحظة الفكر الانساني في علاقته بالمتحوّل والمتحرّك وبديناميكية التاريخ والذاكرة".