سيكولوجيا السمعة الرقمية وإرتداداتها على سمعة الأوطان العربية لبنان والإمارات العربية المتحدة أنموذجاً
الملخص
تشهد الدول في العالم أجمعّ، وخاصة الدول العربية، نشاطاً تسابقياً فيما بينها من أجل مواكبة التطوّر الكبير الحاصل على المستوى التكنولوجي الرقمي، هذا التطور الذي فرض نفسه حكماً، بما له من إيجابيات على مستوى أداء الدولة، وعلى مستوى تجاوب المواطن وتفاعله مع هذا الأداء المتطوّر.
كما برزت في الآونة الأخيرة إهتمامات الدول وتزايدت مراقبتها لشبكات التواصل الإجتماعي، التي تُعتبر نتاجاً مباشراً للتطوّر التكنولوجي، نظرا لما تتمتع به من تفاعل وحيوية تميّزها عن غيرها من وسائل التواصل الأخرى، خاصةّ وأن دور شبكات التواصل الإجتماعي لمّ يعد مقتصرا على تكوين علاقات اجتماعية بين الأفراد فحسب، بل أتسع ليمسّ نشاط مؤسسات الدولة وبيئة العمل فيها، ولتتحوّل من وسيلة ترفيهية إجتماعية إلى العين الساهرة والناقدة لأداء الإدارات الرسمية، والمؤثر الأكبر على سمعة الدولة التراكمية العامة، التي هي خلاصة السمعات الرقمية للمواطنين.
إلا أن هذا الدور الإيجابي لشبكات التواصل الإجتماعي، يترافق وللأسف مع تفاعلات سلبية لمستخدميها، منحت بعضهم سمعة رقمية سيئة ودونية، تشكلّ عبئاً نفسياً وإجتماعياً على الأفراد وعلى العائلات، وبالتالي على البيئة الحاضنة للمجتمع، الا وهي الأنظمة الحاكمة والحكومات.
فمن الناحية الإجتماعية السيكولوجية، يُعتبر تراكم السلبيات سبباً مباشراً لتدمير الفكر المنتج الإبداعي للإنسان، وقدّ تُشكل خطراً على سلوكه العام، وعلى محيطه الصغير، وعلى محيطه الأكبر وهو الوطن الذي يقيم فيه. وقدّ شهدت كافة المجتمعات في الأونة الأخيرة تزايداً خطيراً لحالات الإنتحار، ولحالات القتل الجماعي، ولمهاجمة الجامعات والمدارس، تحت تأثير التحديّات الإلكترونية المنتشرة بكثافة على مواقع التواصل الإجتماعي.
وقد إخترنا لبنان والإمارات العربية المتحدة نموذجيّن عربيّن لتنفيذ الدراسة العملية الميدانية، نظراً لتقاربهما في العديد من فواصل الحياة الإجتماعية، ولتباعدهما الشديد في مجالات الرقابة والمواطنة السليمة ومكافحة الفساد والإرهاب.
ولا شك بأن السمعة الرقمية للمواطنين في هذان البلدان العربيّان تختلفان إختلافاً جذرياً في المنطق والإداء، وأن الآثار النفسية بين الشعبان متناقضتان إلى حدّ كبير.