أثر الأنثربولوجيا الدينية في تجديد الدراسات الإسلامية
الملخص
يواجه العالم الإسلامي إشكاليات ثلاثا على صلة بالدين وبالثقافة الدينية : أولها الفهم المنغلق للدين وما قد يترتب عليه من فكر ديني متطرف ومن سلوك عنيف، وثانيها الخلط بين ما هو من الدين وما هو من التمثل الثقافي البشري للدين وما يترتب على ذلك من توسيع الموقف التقديسي ليسوي بين الإلهي والبشري وبين الديني والدنيوي وبين المتعالي والتاريخي وثالثها هيمنة الطابع الشكلاني الطقوسي على التجربة الدينية مما يؤدّي إلى انحسار البعد الروحي والإيطيقي لهذه التجربة . ويسعى هذا المقال إلى بيان كيف يمكن أن يساهم تحويل الدين إلى موضوع للمعرفة العلمية الأنثروبولوجية في تحقيق الإصلاح الديني المنشود وفي الحد من تعقد هذه الإشكاليات. فإعادة تحديد مفهوم الدين والمقدس والمتعالي تعلمنا أن لا تفاضل بين الأديان وأن التمييز بين الأديان بمعيار الحق والباطل تبطله المعرفة الأنثروبولوجية التي أثبتت اتفاق الأديان جميعها في جملة من الخصائص من بينها قيامها على أركان ثلاثة هي الرمز والطقس والأسطورة وكونها تؤدي بالنسبة للإنسان الوظائف النفسية والأنطولوجية والاجتماعية نفسها، كما يبرهن هذا المقال على أن المعرفة الأنثربولوجية بالدين قادرة على أن تحوّله من موضوع صراع إلى عامل فاعل في زرع الثقة بين الناس وفي تخفيف حدة القلق والتوترات وبناء التعاطف والسلام والإنصات وفي صنع الرخاء والتقدم.